Abolition 2000 – Global Network to Eliminate Nuclear Weapons

Abolition 2000 رسالة حول الكارثة النووية في اليابان وحول العالم

 إن التحدي المتمثل في مواكبة المطالب المتزايدة للطاقة محليا وعالميا، مع مراعاة الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في نفس الوقت، دفع عددا من الحكومات إلى التحول للطاقة النووية كطوق نجاة محتمل. ويجب أن تحثنا أزمة فوكوشيما على أن نتوقف ونقيم المخاطر الحقيقية للطاقة النووية وتكلفتها، وأن نجري التحولات الضرورية نحواستخدام مصادر طاقة نظيفة آمنة ومتجددة.
لقد تسبب زلزال وإعصار تسونامي في اليابان في تدمير منطقة بأكملها، كما أن الإشعاعات النشطة من المفاعلات النووية المتضررة تشكل خطرا كبيرا وتسببت بالفعل في تلويث الغذاء والماء في اليابان، مما أدى إلى فرض حظر على الصادرات الغذائية من 4 مقاطعات. وأثار تصريف المياه الملوثة في المحيط الهادئ مخاوف دولية متصاعدة، بينما يستمر انبعاث الإشعاعات في الانتشار والتأثير على صحة الإنسان والبيئة على نطاق أوسع – عبر اليابان وحول العالم.
ن جانبه، أعرب “المجلس العالمي أبوليشن 2000” عن قلقه ودعمه لكل شخص في اليابان، عقب الكوارث الثلاث (الزلزال وتسونامي والمفاعل النووي)، قائلا “نعرب عن تعازينا للآلاف الذين خسروا أرواحهم، وتعاطفنا مع الـ150 ألف شخص أو ما يزيد من المصابين أو النازحين، وكذلك تمنياتنا بالأفضل لجهود الإنقاذ والتعافي والإعمار”.
وسواء ما إذا نجح التقنيون الشجعان في فوكوشيما في احتواء كمية الإشعاعات العالقة في المفاعلات الستة، فالدرس المستفاد من حادثة فوكوشيما واضح: الحوادث والكوارث الطبيعية ستستمر في الحدوث، وإذا كان من المحتمل أن تتخذ الأمور منحىً سيئا فسيحدث ذلك إن عاجلا أم آجلا، إذا فقانون ميرفي (الذي يقول إن أي شيء يُحتمل أن يتطور للأسوأ فسيحدث ذلك حتما) والتكنولوجيا النووية لا يندمجان. ولا تعد فوكوشيما الكارثة النووية الأولى، كما لن تكون الأخيرة، طالما أن الدول تستمر في تشغيل مرافق للطاقة النووية. وتعتبر حوداث جزيرة الأميال الثلاثة (ثري مايل آيلاند) وتشيرنوبل وويندسكيل /سيلافيلد 3 نماذج مأساوية أخرى على الكوارثة النووية والتي تخلف آثارا خطيرة على صحة الإنسان نتيجة الإشعاعات. ووفق لدراسة أجراها مجلس الأبحاث الوطني / الأكاديمية الأمريكية الوطنية للعلوم عام 2005 (بيير 7- المرحلة 2) أظهرت غالبية الأدلة العلمية أنه حتى الجرعات القليلة من الإشعاع المؤين يمكن أن تشكل خطرا من خلال أعراض صحية مختلفة.
ففي حادثة مفاعل تشيرنوبل، قُتل عشرات الآلاف بينما أصيب ملايين آخرون بإصابات صحية خطيرة. وفي هذا الصدد، أفاد أليكسي يابلوكوف من الأكاديمية الروسية للعلوم بأنه “قبل عام 1985، أكثر من 80% من الأطفال في أراضي تشيرنوبل من بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا الأوروبية (المناطق الغربية من روسيا) كانوا يتمتعون بصحة جيدة، على عكس الآن حيث لم يصبح سوى أقل من 20% منهم بصحة جيدة، إلى جانب أنه من الصعب في المناطق شديدة التلوث العثور على طفل واحد بصحة جيدة”. لن ندرك مدى التأثير الكامل لكارثة فوكوشيما على صحة الإنسان والبيئة إلا بعد مرور عدة سنوات أخرى، حيث لاتزال الكارثة تتكشف، فمزيد من المواد المشعة ستستمر في الانبعاث لحين تستقر المفاعلات، كما تظل احتمالية حدوث مشاكل إضافية تؤدي إلى انطلاق إشعاعات أكثر كارثية قائمة- ولهذا السبب تم تصنيف كارثة فوكوشيما بنفس درجة الجدية والخطورة التي صُنفت بها كارثة تشيرنوبل (فئة 7) ويمكن أن يترتب عليها إنشاء منطقة ذات نشاط إشعاعي دائم مماثلة في اليابان.
وقد أظهرت حادثة فوكوشيما كيف أن محطات الطاقة النووية معرضة للهجمات الخارجية، سواء من صنع الطبيعة أو الإنسان، حيث ضرب تسونامي مصدر الطاقة الخارجي ودمر نظام التبريد في المفاعل بأكمله.
وحتى بدون وقوع حوادث، أو كوارث، أو هجمات، فإن إنتاج الطاقة النووية يتسبب في انبعاث كميات ضارة من الإشعاعات على مدار جميع مراحل سلسلة إنتاج الوقود النووي، بما في ذلك التنقيب عن اليورانيوم واستخراجه وتخصيبه ونقله، وكذلك تشغيل محطات الطاقة النووية نفسها.
ولم يعثر أي شخص إلى الآن على حل لتخزين الوقود النووي المستخدم، والنفايات المشعة الناتجة ثانويا من عملية إنتاج الطاقة النووية، والتي تظل تشكل خطرا كبيرا لمئات الآلاف من السنين. إذا فبناء مفاعلات نووية دون معرفة كيفية التصرف في النفايات المشعة يماثل بناء منزل دون تزويده بمرحاض صالح للعمل.
وما يثير القلق بنفس الدرجة أيضا هو حقيقة أن كل برنامج للطاقة النووية يشكل احتمالية تصنيع قنابل نووية، ففرنسا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية جميعها طورت أسلحة نووية من برامج طاقة نووية. وهناك مخاوف جدية من أن تتبع دول أخرى لديها برامج للطاقة النووية نفس النهج.
وفي عام 1946، خلصت لجنة بوزارة الخارجية الأمريكية بشأن الطاقة النووية إلى أن “عمليتي تطوير طاقة نووية لأغراض سلمية وتطويرها بغرض تصنيع قنبلة متداخلتان ومترابطتان كثيرا في مراحلهما … ليست هناك أية فرصة لتحقيق الأمان ضد حرب نووية ” في ظل نظام دولي تتمتع فيه الدول بـ”حرية تطوير طاقة نووية دون ضمانات سوى التعهد بعدم استخدامها لتصنيع قنابل”.
إن المزاعم التي تقول إن الطاقة النووية هي خيار اقتصادي حيوي لا يمكن لها أن تصمد أمام اختبار حقيقي، فالتكلفة الفعلية يتم تغطيتها بدعم حكومي باهظ، وقيود على المساءلة بشأن الحوادث، وتسعير الأبنية دون أن تشمل تكاليف تخزين النفايات وتفكيك محطات الطاقة النووية التي تخرج عن العمل. أضف إلى ذلك، التكلفة الباهظة للتعويضات والتنظيف عقب الحوادث، مثل: تشيرنوبل وفوكوشيما. وحتى بدون إدراج هذه التكاليف، فإن سعر الطاقة النووية لكل كيلوواط ساعي يبلغ تقريبا ضعف سعر الغاز الطبيعي، ومن غير المحتمل أن تقل تكلفته.
من ناحية أخرى، يمكن الآن مقارنة تكاليف طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالطاقة النووية، حيث إن أسعارها آخذة في الانخفاض بينما تزداد كفاءتها وتتدفق وفورات الحجم (على سبيل المثال كلما يتم إنتاج مزيد من توربينات الرياح ولوحات شمسية، تنخفض كلفة كل وحدة).
وعلى نفس القدر من عدم الصحة أيضا المزاعم بأن الطاقة النووية لا ينتج عنها انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وبالتالي فهي خيار مرغوب لوقف التغير المناخي وعكسه؛ فرغم أن صهر اليورانيوم المخصب في المفاعلات النووية لتوليد الطاقة لا ينتج عنه انبعاثات كربونية، ولكن جميع الخطوات الأخرى اللازمة لتوليد الطاقة النووية تطلق هذه الانبعاثات في الجو، ويشمل هذا التنقيب عن اليورانيا (كعكة اليورانيوم الصفراء)، ونقلها، وسحقها، واستخلاص اليورانيوم وتخصيبه، وصهر أكسيد اليورانيوم، وتغليف اليورانيوم، وكذلك تأسيس محطات الطاقة النووية ووقف تشغيلها وتفكيكها.
ويقدر “جيه دبليو فان لوفن” و”بي سميث” في (الطاقة النووية: توازن الطاقة) أنه في حالة صخور الخام عالية الجودة فإن كمية ما يُنتج من غاز ثاني أكسيد الكربون خلال الدورة النووية بأكملها يُقدر بحوالي نصف إلى ثلث ما تنتجه محطة طاقة تعمل بالغاز بنفس الحجم. أما بالنسبة لصخور الخام منخفضة الجودة (أقل من 0.02% من  ثامن أكسيد ثلاثي اليورانيوم لكل طن من الخام)؛ إذا فإجمالي كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنتجة خلال دورة الحياة النووية تساوي تلك المنتجة من محطة غاز.
أضف إلى ذلك، أن بناء محطات الطاقة النووية يستغرق سنوات ويكلف مليارات الدولارات لإجراء الأبحاث والتطوير والدعم، وهي الأموال التي إذا تم تخصيصها، بدلا من ذلك، لتطوير تكنولوجيا الطاقات المتجددة مما سيشكل بديلا أسرع وآمن وأكثر استدامة عن الوقود الحفري. كما سيُمَكِن من تطوير مصادر طاقة تناسب احتياجات المجتمعات في البلدان النامية – والتي يتفتقر الكثير منها إلى التغطية ضمن شبكات كهرباء محلية وبالتالي لا يخدمها مولد كهرباء مركزي ولكنها قادرة على الحصول على الطاقة من مصادر محلية مثل الرياح والشمس.
ويشيد “المجلس العالمي أبوليشن 2000” بتأسيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي يمكن أن تساعد الدول على الوفاء باحتياجتها من الطاقة من خلال مصادر آمنة، مستدامة ومتجددة دون الحاجة إلى اللجوء للطاقة النووية.
وكما تم التنويه إليه في بيان أبوليشن 2000 لعام 1995: “لابد من الإقرار بوجود رابط وثيق بين الاستخدامات السلمية والحربية لتكنولوجيا الطاقة النووية، وكذلك تهديد متأصل تواجهه الأجيال المستقبلية يكمن في خلق مثل هذه التكنولوجيا واستخدام المواد المشعة طويلة الأجل. ومن ثم، يجب علينا التحرك صوب الاعتماد على أشكال من إنتاج الطاقة تكون نظيفة وآمنة ومتجددة، والتي بدورها لا توفر مواد لتصنيع أسلحة دمار شامل، كما لا تلوث البيئة لمئات قادمة من القرون. إذا فالحق الأصيل للشعوب لا يتمثل في الحصول على الطاقة النووية، وإنما في الحياة والحرية وأمن الإنسان في عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
وتضامنا مع مئات الآلاف من الضحايا والناجين من صناعات الأسلحة والطاقة النووية، نناشد بوقف إنتاج الطاقة والأسلحة النووية – نظرا لما يخلفه كلاهما من آثار على البيئة وصحة الإنسان لا يمكن التحكم فيها لا عبر الزمن ولا المسافات .